صحة وجمال
تأثير التلفزيون علي الأطفال
يقدم لنا دكتور شريف الباز النقيب العام لنقابة التدخل المبكر ودمج الأطفال و منسق عام لرابطة التربية الخاصة والنطق والتوحد , مقال بعنوان تأثير التليفزيون علي الأطفال , حيث يولد الطفل الاَن وفي البيت تلفزيون واحد أو أكثر ، وجهاز كمبيوتر أو أكثر ، وأي باد وتليفونات حديثة جدا ً ، وألعاب الفيديو التي يتداول إستخدامها بشكل يومي ومتكرر , أصبح وجود هذه الأجهزة في حياتنا روتينيا ً ومعتادا ً في المنزل وحتي معنا في تنقلنا خارج المنزل ، ويُقدر أن الطفل في السادسة من عمره يكون قد قضي مايقارب حوالي 1000 ساعة سنويا أي حوالي 6000 ساعة حتي يصل إلي 6 أعوام وهو يشاهد التليفزيون أو يستخدم التكنولوجيا ، ولكن ما أثر هذه التكنولوجيا علي أطفالنا هل هي مفيدة أم مضرة ، في الحقيقة أنهك المجال بحثا ً في العلوم النفسية والإجتماعية والطبية والسلوكية ، فمعدل الإفادة يكون علي من أحسن إستخدامها والعكس صحيح ، فالمعلومات الواردة من خلال هذه التكنولوجيا هل سألنا أنفسنا نحن كأباء ما نوعية النماذج المقدمة للأطفالنا ؟ وهل السلوك الذي يقدم هل هو السلوك المطلوب من أبنائنا أن يقلدوه ؟ ومانوع المعلومات والمفاهيم الواردة التي تزرع في أذهانهم ؟ وما مدي إتساقها مع القيم والعادات والنهج المتبع في بلادنا ؟ وهل أي شئ نتداوله ونعتاد علي مشاهدته ؟ وهل تؤثر فعلا ً هذه النماذج علي تفكير أبنائنا ؟
في نظرية التعلم لباندورا القائمة علي التعلم بالملاحظة والتقليد والمحاكاة للنماذج ففي العيادات السلوكية قد يتم استخدام التعلم بالملاحظة والتقليد وإستخدام النماذج الحية أو المصورة أو بالفيديو أو النمذجة بالمشاركة فهي طريقة تستخدم في التدريب للأطفال فيتوقف نوع التعلم علي نوع النموذج وفعاليته بالنسبة للطفل كما يتوقف التعلم علي عوامل أخري متعلقة بالنظرية ، ولكن إذا كنا نستخدمه نحن كمتخصصين كإستراتجية علاجية وإستخداماتها في مجال التعلم للسلوك المقبول إجتماعيا , واكساب الحصيلة اللغوية , والمفاهيم ، والتدرب علي المهارات الأكاديمية وغيرها … فهذا يشير إلي فعالية الطريقة في إحداث تغيير في إتجاه محدد يتوقف علي مايحتويه النموذج الذي يقوم الطفل بملاحظته ، فنوع السلوك الملاحظ من قبل الطفل ومايترتب عليه من نتائج إنما يحدد ما قد يسلكه الطفل ” الملاحظ ” فيما بعد ، فالتعرض المتكررلمشاهدة العدوان والعنف على التلفزيون يشجع الأطفال على التصرف بعنف وعدوانية ملحوظة ، وإلي تطور الفكر العدواني وتحوله فيما بعد من حير التفكير إلي ممارسات علي أرض الواقع ، وقد استنتجت مراجعات الدراسات التجريبية أن مشاهدة العنف تجعل المشاهد أكثرميلا للعنف، كما أن دراسات أخرى أظهرت أن من يشاهدون أفلاما أكثرعنفا تتكون لديهم ميول عدوانية أكثرمن أولئك الذين يشاهدون عنفا أقل حدة على التلفزيون.
وفي عام 1982 صدرعن المعهد القومي للصحة النفسية الأمريكي بحث كان أكثرتحديداً جاء فيه أن الإجماع بين غالبية الباحثين يؤكد على أن العنف على التلفزيون بالفعل يؤدي للسلوك العنيف أو العدواني من قبل الأطفال والمراهقين الذين يشاهدون تلك البرامج .
وهذا مايفسر لنا كأحد أهم العوامل المؤدية إلي إنتشار العنف والعدوان في الأطفال والمراهقين ،
فالطفل وفقا لنظرية بياجيه لإكتسابه المفاهيم في الحقيقة في عمر دون الست سنوات لا يعي المفاهيم المجردة ولايدركها إنما يدرك المفاهيم الحسية الملموسة ، و لايستطيع أن يفهم المعاني المجردة ولا يدرك العلاقات بين الأشياء ، كما يدركها الأطفال الأكبرسنا ً أو حتي الكبار فعرض النماذج سلوكيه عليه في حين مبكر وهو لا يعي ما الصواب و ما الخطأ فيتصرف علي نحو ما إعتاد أن يشاهده من قبل ، كما يؤثر الإفراط في مشاهدة التلفزيون وما يتم عرضه من مثيرات بصرية وسمعية تعمل علي رفع عتبة الإستجابة النفسية للطفل فلا يؤدي المهارات إلا في ضوء مثل هذه المثيرات عالية الإستثارة ، فيذهب إلي المدرسة يجلس في الفصل ويمسك بالكتاب لايوجد به هذا الكم الهائل من المثيرات التي إعتاد عليها فيعزف عن الإستجابة المتوقعة منه في نفس عمره الزمني ، فلا مدة الانتباه للكتاب تسمح له من الاستفادة ، ولا معدل التركيز يناسب عمره ، فيكون لديه تشتت في الانتباه الإضطراب المعروف Attention deficit disorder ، وقد يعاني من مشكلات اكتساب المهارات ماقبل الأكاديمية ، بالإضافة إلي القصور في الجانب الأكاديمي من مهارات خاصة بالقراءة أوالكتابة أوالتهجي أوالحساب ، كما أن من الأضرار المتوقعة أيضا ً القصور في عمليات التفكير المنطقي وإدراك العلاقات بين الأشياء علي نحو يناسب العمر الزمني لأن الإفراط في مشاهدة التليفزيون أو إستخدام ألعاب الفيديو يجعله أكثر إنخراطا وتعلقا ًبها وقد يعيق خلال هذه الفترة النمائية الأولي من حياة الطفل ويحيل بينه وبين بيئته , فلا يقوم باللعب ولا ممارسة الأنشطة الإجتماعية مع أقرانه ، كما تؤثر علي إكتساب المهارات اللغوية بالسلب وقد يعاني الكثير من الأطفال من التأخر اللغوي ، بالإضافة أنها تؤثر علي مهارات التواصل الاجتماعي ، فبناء السلوك المرغوب إجتماعيا ً يجب أن يحدد من الأسرة ما نريده وما لانريده لذا كان واجبا ً عليا ً أن نحدد ماهي الشروط العامة الواجب توافرها في إستخدام مثل هذه التكنولوجيا ونأخذ ما ينفعنا ونترك مايضر بأبنائنا …