صحة وجمال
هل تُصبح المُعاناة من الاكتئاب أمراً إيجابياً؟
أثبتت مجموعة من الدراسات أنّ هناك زيادة هائلة في عدد الحالات المُصابة بالاكتئاب النفسي في العالم في السنوات الأخيرة. ووفقاً لمقال نشره موقع (Science of us) في شهر فبراير الماضي، فإنّ حوالي 16 مليون أمريكي بالغ، أو ما يُعادل نحو 6.7% من البالغين الأمريكيين، قد عانى من “اكتئاب وجداني”، أو ما يُعرف باسم “نوبة اكتئاب عُظمى” في عام 2015.
وتتسبّب نوبة الاكتئاب العُظمى في إهدار أكبر عدد من السنوات في حياة الأمريكيين، مُقارنة بأي اضطراب عقلي أو سلوكي آخر. هذا بالإضافة إلى التكلفة العالية للمرض. فخلال الفترة بين عامي 1999 و 2012، ارتفعت نسبة الأمريكيين الذين يستخدمون مُضادات الاكتئاب من حوالي 6.8% إلى 12%.
كما ذكر التقرير أنه من المُتوقع أن تبلغ قيمة سوق أدوية الاكتئاب العالمي أكثر من 16 مليار دولار بحلول عام 2022.
قد يهمك: التغلب على القلق 5 عادات يجب الامتناع عنهم
الاكتئاب وأعراضه
يُعَرِف المعهد الوطني الأمريكي للصحة النفسية “نوبة الاكتئاب العُظمى” على أنها: “فترة أسبوعين أو أكثر من الشعور بالاكتئاب، أو فقدان الاهتمام والمُتعة، وما لا يقل عن 4 أعراض أخرى تعكس تغيراً في أداء الأنشطة العادية مثل مواجهة مشاكل تتعلق بالنوم، والأكل، والطاقة، والتركيز، والصورة الذاتية”.
ويتفق هذا التعريف مع نموذج مرض الاكتئاب الذي وصفه الكاتب ماثيو هوتسون، من مجلة (Nautilus)، بأنه “انهيار، وخلل في النظام، شيء يجب علاجه وتخطيه”.
الاكتئاب .. طريقك نحو الإدراك والسعادة!
استندَ هوتسون في مقاله على آراء العديد من الباحثين، الذين يؤيدون الحُجة التي مفادها أنّ الاكتئاب يُمكن أن يخدم غرضاً إيجابياً ربما من منظور التطور. أي أنه في بعض الأحيان، قد يكون للاكتئاب، فائدة على المستوى الشخصي.
وكل هذا لا يعني بأي حال من الأحوال التقليل من حجم المُعاناة التي يمكن أن يُسببها الاكتئاب، بل يقترح الانتباه إلى الجوانب التي قد يخدمها.
وأشار هوتسون في مقاله إلى رأي عالم النفس التطوري بجامعة ماكماستر في كندا، بول أندروز، والذي يعتقد أنّ الاكتئاب ربما يكون “تكيُفاً لتحليل المشاكل المُعقدة”، والتي يراها في مجموعة الأعراض الخاصة بالمرض والتي تشمل “الأنهيدونيا”، أو عدم القُدرة على الشعور بالمُتعة.
فالأشخاص الذين يعانون من مرض الاكتئاب يقضون أغلب أوقاتهم في التأمُل والتفكير العميق، كما يختبرون مرات أكثر من نوم حركة العين السريع – والذي يكون فيه نشاط الدماغ مُشابهاً لنشاطها خلال ساعات الاستيقاظ – وهي مرحلة مُرتبطة مع توطيد الذاكرة.
وهذا يعكس التصميم التطوري، بحسب آراء هوتسون الذي قال: “التعرُض للمرض يبعدنا عن المساعي الطبيعية للحياة، ويوجّه تركيزنا إلى فهم المشكلة التي تسبّبت في حدوث نوبة الاكتئاب، ومن ثمّ حلها”.
ويقول التقرير أنه مثلاً في حالة الدخول في علاقة فاشلة، فإنّ ذلك يُعتبر حدثاً غريباً وغير مُعتاد لما يحدث معك في حياتك اليومية، وهو ما يدفعك بالتبعية إلى الانتباه والتفكير في الأسباب التي دفعتك إلى الوصول إلى تلك الحالة.
وعلى سبيل المثال، فقد أفادت دراسة أُجريت على 61 شخصاً يُعانون من الاكتئاب، أنّ حوالي 80% ممن شملتهم الدراسة قد وجدوا بعض الفوائد من التعرُض لتلك الحالة، والتي دفعتهم إلى الاتجاه إلى التأمُل والتفكير بشكل أعمق، والتي كان مُعظمها يتعلّق بإعادة تقييم المشاكل ومنع الأخطاء في المستقبل.